الأحد، 21 يونيو 2015

كل ما يتعلق بالخيل العربى الاصيل


الخيل العربى الأصيل

المقدمه


إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد..

الخيل في أحاديث الرسول (ص) :

لقد أحب رسول الله (ص) الخيل بعمق وأعزها وكرمها وأوصى بالعناية بها والمحافظة عليها، إذ قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم»، وأوصى النبي الكريم بالركوب والرماية في الحديث الشريف «ارموا واركبوا الخيل وأن ترموا أحب إلي من كل لهو لها به المؤمن فهو باطل إلا ثلاث خلال رميك عن قوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فانهض من الحق».
أمر الرسول الكريم (ص) المسلمين بارتباط الخيل في الحديث الشريف «اربطوا الخيل وامسحوا نواصيها وأعجازها» وقال «أكفالها وقلّدوها ولا تقلدوها الأوتاد»، وأحب الخيل الدهماء في حديثه (ص) «خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم ثم الأقرح المحجل طلق اليمين فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشيه»، وفي حديث آخر قال (ص) «تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبدالله وعبدالرحمن وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتاد وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل». وشجع الرسول الكريم (ص) النفقة على الخيل إذ قال «إن النفقة على الخيل في سبيل الله كباسط يده بالصدقة لا يقبضها». وكذلك عفا عن زكاة الخيل في الحديث الشريف «قد عفوت عن الخيل والرقيق فأدوا زكاة أموالكم من كل مئتين خمسه»، وحديث آخر «ليس على المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة»، وشجع استمرار العناية بالخيل وجعل للفرس سهمين ولفارسه سهما واحدا فكان للرجل وفرسه ثلاثة أسهم وأول من سبق بين الخيل الرسول (ص) «سبق النبي (ص) وأعطى السابق وقد راهن الرسول الكريم على فرسه عن عبدالله بن عمران أن رسول الله (ص) سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء وأمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وأن عبدالله بن عمر كان في من سابق بها».
كرم النبي المصطفى (ص) الخيل ومسح وجهها بردائه وسئل الرسول الكريم عن ذلك فقال: «إني عوتبت الليلة في أذالة الخيل».
أحب العرب المسلمون خيلهم فقد سأل أحدهم رسول الله (ص) قال يا رسول الله إني أحب الخيل أفي الجنة خيل فقال رسول الله (ص): «إن أدخلت الجنة أتيت بفرس من ياقوتة له جناحان فحملت عليه ثم طار بك حيث شئت».
ومن الأحاديث عن الخيل «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الخيل لثلاثة هي لرجل أجر وهي لرجل ستر وهي على رجل وزر فأما الذي له أجر فالذي يتخذها في سبيل الله فيعدها له هي له أجر لا يغيب في بطونها شيء إلا كتب الله له أجر». وقد نهى رسول الله (ص) عن أكل لحوم الخيل وقص النواصي «لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع»، «لا تقصوا نواصي الخيل فإن فيها البركة ولا تجزوا أعرافها فإنه أدفاؤها ولا تقصوا أذنابها فإنها مذابها» صدق رسول الله (ص).
ومن الأحاديث الشريفة «أكرموا الخيل وجللوها»، «لا تقودوا الخيل بنواصيها فتذلوها»، «إن الشيطان لا يدخل دارا فيها فرس عتيق»، أي أصيل، «عليكم بإناث الخيل فإن بطونها كنز وظهورها حرز وأصحابها معانون عليها»، «من همّ أن يرتبط فرسا في سبيل الله بنية صادقة أعطي أجر شهيد»، «من ارتبط فرسا في سبيل الله كان له مثل أجر الصائم القائم والباسط يده بالصدقة ما دام ينفق على فرسه». صدق رسول الله (ص).

الوصف العام للخيل العربى الاصيل :

الخيل من الثديات آكلة الأعشاب، ومن رتبة مفردات الأصابع، وتوجد في معظم بلدان العالم. وهي أنواع متعددة، تتفاوت فيما بينها تفاوتاً كبيراً في الشكل والحجم والسرعة. ويُعد الحصان العربي من أعرق سلالات الخيول في العالم وأغلاها ثمناً، ويرجع ذلك إلى عناية العرب بسلالات خيولهم الممتازة والمحافظة على أنسابها، مما جعلها أفضل الخيول الموجودة الآن في العالم، وأجودها على الإطلاق. فهي تجمع بين جمال الهيئة، وتناسب الأعضاء، ورشاقة الحركة، وسرعة العدو من جهة، وحدة الذكاء، والمقدرة العالية على التّكيُف، وسلاسة القيادة، وعلو الهمة، من جهة أخرى.
والحِصَان صديق العربي ورفيقه في الحاضرة والبادية، وله منزلة عالية وقيمة معنوية عظيمة في نفسه، لأنه مرتبط أشد الارتّباط بمعنى حياته ووجوده ومصيره. فالحياة في شبة الجزيرة العربية في الماضي، كانت تعتمد في بعض مظاهرها على السّلب والنّهب، بما في ذلك من الكر والفر، مما يستوجب الشّجاعة والفروسية والتميز في القتال. والحصان هو عدة العربي في الحرب، يشاركه فيها مشاركة فعالة، يكر على الأعداء ويصبر على المكاره، فلا يجفل ولا يكبو ولا يفر عن المعركة مهما احتدمت ومهما ناله من سهام. فالشجاعة التي اشتهر بها العرب أصبحت صفة ملازمة لخيولهم الأصيلة، التي تعودت على المواجهة والسيوف تلمع من حولها، وعلى صدورها تتكسر الأنصال على الأنصال.
وقد راض العرب خيولهم على القتال والنّزال، وعودوها على الثبات في الحروب فأصبح الإقدام صفة لها. وهم يفتخرون بسرعة استجابة خيولهم لمِا يراد منها، فهي تدرك واجبها كما يدركه الفارس نفسه، حتى أصبح الفارس وفرسه متلازمين. بل إلى الفرس يرجع الفضل في منجاة الفارس وبلائه. فالحصان عامل فاعل حاسم في الحرب، ونتيجة كل معركة تتوقف على خبرته ومعرفته بالحرب وثباته وجرأته، وسرعة حركته، وتبعاً لذلك يكون هلاك فارسه أو منجاته.
وقد جعل العربي حصانه جزءاً من نفسه، بل كثيراً ما كان يُقَدّمه على نفسه وأُسرته فيؤثره بالطعام والشراب ويبيت طاوياً. وما أكثر ما جاء في التراث عن إيثارهم الخيل على الولد والزوج، حتى إِن المرأة لتغار من تفضيل زوجها لحصانه عليها وتعلقه به.
ومما ورد في التراث من تفضيل الخيل على الولد والزوج، قول الشاعر عبيد بن ربيعة:
يُجَاعُ لها العِيَالُ ولا تُجَاعُ
مُفَدَّاةٌ مُكَرَّمَةٌ عَلَيْنا

فهو يُكْرم فرسه، ويفديه بنفسه، ويؤثره بالطعام حتى لو أجاع عياله من أجله.
كما يصف ثعلبة العبدي حبه لفرسه "عريب" فيقول:
أحبّ حبيبٍ وأدنى قريبِ
إنَّ عُرِيباً وإن ساءني
بشاكِي السلاحِ نهيبٍ أريب
سأجعل نفسي له جُنة
ويقول الأخطل:
فإنَّ العِزَّ فيها والجَمَالا
أَحِبُّوا الخيل واصْطَبروا عليها
ربطنَاها فشاركت العيالا
إذا ما الخيل ضيَّعها رِجالٌ
ونحذوهنّ في السَّفر النِعالا
نصونُ الخيلَ ما دمنا حضورا

فهنا إشارة واضحة إلى مشاركة الخيل العيال في الطعام والشراب، وهي دلالة على إعزاز الخيل وإكرامها.
ومالك بن نويرة يقول:
وأسقيه محض الشَوْل والحيُ هاتفُ
أعللُ أهلي عن قليلِ مَتَاعهم

أي يصرف عياله عن قليل الطعام الموجود، ويُقدمه لحصانه.
ويُنكر الأعرج الطائي غيرة زوجته من تعلقه بفرسه (الورد):
تلوم وما أدري عَلاَمَ تَوَجّعُ
أرى أمَ سهلٍ ما تزال تَفَجَّعُ
وما تستوي والوِرْدَ ساعة تَفْزَعُ
تلُوم على أن أُعطي الوِرْدَ لَقْحَة
نخيبُ الفؤاد رأسُها ما تَقَنَّعُ
إذ هي قامت حاسراً مُشْمَعِلَّةً
هنالك يجزيني التي كنتُ أصنعُ
وقمتُ إليه باللجام مُيِّسِرا

أما خالد بن جعفر فيقول في فرسه حَذْفَة:
وألحفها ردائيَ في الجليد
أسويها بجاري أو بِجُزْءٍ
لها لبنُ الخَلِيَّة والصَّعود
وأوصي الراعيين ليَغْبِقَاها
جهاراً من زُهَيْرٍ أو أُسْيدِ
لعل الله يفديني عليها

وقال شداد بن معاوية العبسي "والد عنترة":
إذا ما أوقِدَتْ نارُ الحروبِ
جزى الله الأغرَّ جزاءَ صدقٍ
وأحميه بِمُطَّرِدِ الكعوبِ
يَقِينِي بالجبين ومَنْكِبَيْهِ

ولعل من أهم ما يميز الحصان العربي وفاءه النادر لفارِسه، فهو لا يدهسه أبداً إن سقط عن صهوته في حين تجده يدوس جماجم القتلى من الأعداء والجرحى، ويغرس سنابكه القوية في أجسادهم، وفي ذلك يقول عنترة:
وقد أخذت جَماجِمَهُم نعالا
تدوسُ على الفوارسِ وهي تعدُو

بل هو يسعى للثأر والانتقام كفارسه تماماً، فلا غرو أن نرى العربي قد علّق التمائم على حصانه خوف الحسد والعين، مثلما يُعلقها على أبنائه.
            وكما حفظ العربي نسبه واعتزّ به، حفظ كذلك نسب حصانه، وحرص على ألاّ تشوب أصالته شائبة حتى يبقى دمه نقياً ليعتز به أيضاً. وعلى الرغم من طبيعة الجزيرة العربية بصحاريها المترامية الأطراف، إلاّ أن العرب استطاعت أن تحتفظ  بمُشجّرات مطولة بأنساب خيولها وأسمائها.
            وقد تداخلت أسماء الخيول العربية الشهيرة مع أسماء فرسانها، حتى أصبح من العسير تمييز اسم الفرس من الفارس، حيث يقال: فارس الأبْجر، وفارس الجَوْن، وفارس النّعامة، فيُلقّب الفارس بلقب فرسه تعظيماً وتكريماً. وقد اشتُهر بعض فرسان العرب بحبهم للخيل واعتنائهم بها فنسبوا إليها مثل قولهم: "زيد الخيل"، والطُّفيل الغنوي، الذي أُطلق عليه "طفيل الخيل" أيضاً، مع أنه شاعر مشهور إلاّ أن حب الخيل غلب عليه فعُرف بها. واعتناء العرب بخيولهم والمحافظة على خصائصها المتميزة يفوق الوصف، مما جعل الحصان العربي الأنموذج، أو المثال في جمال الخيل وكمالها.

المعنى اللغوى للخيل :

يذكر الدَّميري في كتاب "حياة الحيوان الكبرى"، "أن الحصان واحد الخيل والجمع أفراس، الذكر والأنثى في ذلك سواء، وأصله التأنيث، وتصغير الحصان "فريس"، وإن أردت الأنثى فتقول: فُريسه بالهاء. ولفظها مشتق من الافتراس لأنها تفترس الأرض بسرعة عدوها، وراكب الحصان فارس: أي صاحب فرس، ويُجمع على فوارس. وكنية الحصان: أبو شجاع وأبو طالب وأبو مدرك وأبو مُضِّى وأبو المِضّمار. والحصان فيه قدرٌ من الكرم وشرف النفس وعلو الهمة".
ويضيف الدَّميري أن "الحِصان" بكسر الحاء المهملة الذكر من الخيل، قيل: إنما سُمي حِصَاناً لأنه حصّن ماءه فلم يَنْزُ إلاّ على كريمة. والخيل: جماعة الأفراس لا مفرد له من لفظه، وهي مؤنثة، والجمع خيول. وتصغيرها: خييل؛ وسميت الخيل خيلاً لاختيالها في المشية فهو على هذا اسم للجمع".
وورد في كتاب "مبادئ اللغة" للخطيب الإسكافي أن الخيل "مؤنثة، وجمعها خيول، ولا واحد لها من لفظها. والحصان نتاج عتيقين عربيين: حصان وفرس. والهجين الذي أبوه عتيق وأمه ليست كذلك. والمُقْرِف الذي أمه عتيقة وأبوه غير عتيق. ويطلق لفظ الحصان على الذكر والأنثى، أما "الحِجْر" فالأنثى دون الذكر، وجمعها أحجار وحُجُور. كما يسمى ما ليس بعربي برذونا، وأما "الرّمْكَة" فهي البرذونة تتخذ للنسل، وجمعها رمك وأرماك. والشهري من البراذين ما كان بين المُقْرِف والبرذون. وسماء الحصان أعلاه وأرضه أسفله".
ويقول ابن منظور: إن "الحصان" يُطلق على الفحل من الخيل، ويُجمع على حُصُن. وأمّا الفرس، فواحد الخيل ومفرده، وجمعه أفراس، للذكر والأنثى، فلا يقال فَرَسَةٌ؛ وراكب الفرس فارس.
وورد في كتاب الخيل للكلبي: أن اسم الخيل مشتق من خال يخيل خيلاً، واختال اختيالاً، إذا كان ذا كِبْرٍ وخُيلاء، ذلك أن الخيلاء صفة في الخيل لا تكاد تفارقها. "سئل أعرابي بمحضر أبي عمرو بن العلاء عن اشتقاق الخيل، فقال: اشتقاق الاسم من فعل المسمى، فلم يعرف الحاضرون ما أراد، فسألوا أبا عمرو بن العلاء فقال: ذهب إلى الخُيلاء الذي في الخيل".
ومن أسماء الحصان السَّكب، أبوشُجاع، النَّهْد، الهِنَّبْر، الهِنْبر، أبوالمضاء، اليَحْمُوم. أمّا أنثاه فتُسمى الحِجْر، الحِجْرَه، الفرسة، النَّهْدّه. ويسمى ولده المُهْر (والأنثى مهرة)، والفِلْو، والفَلُوّ (الأنثى فَلُوَّة)، والسَّليِل. ويُسمّى صوت الحصان الصَّهيل، والصَّحير، والصَّهال، والنَّحيم.
وورد في كتاب "الأقوال الكافية والفصول الشافية في الخيل" للغساني، أنّ عروبة الخيل وأصالتها وقدمها، أمر تؤكده المصادر العربية والأحاديث النبوية الشريفة. وسميت الخيل عِراباً لأنها عربية منسوبة إلى العرب. وقد فرقوا بين النّاس والخيل، فقالوا في النّاس: عرب وأعراب، وفي الخيل عِراب، والإبل العِراب والخيل العِراب خلاف البخاتي والبراذين، ويقال: أعرب الرجل إذا ملك خيلاً عِراباً أو إبلاً عِرابا، أو اكتسبها فهو مُعْرِبٌ.
قال النابغة الجعدي:
صهيلاً يَبِينُ للمُعْرِب
ويَصْهلُ في مثلِ جوفِ الطَّويَ
 وقوله صهيلاً يبين للمُعْرِب، أي إذا سَمِعَ صهيله من له خَيِلٌ عِرَابٌ، عرف أنه حِصَان عربي. والتعريب: أن يتخذ فرساً عربياً، ورجل مُعْرِب: معه فرس عربي، وفرس مُعْرِب: خلصت عربيته.

أصول الخيل العربى الأصيل :

 جاء في الأساطير الجاهلية أن الخيل فرت عقب انهيار سد مأرب إلى البراري وتوحشت. فخرج ذات يوم خمسة أعراب هم: جُذْران، وشُوَيّة، وسِّباح، والعجوز وشِّراك، إلى بلاد نجد، فشاهدوا خمسة من جياد الخيل وكرائمها، فاحتالوا لصيدها وكمنوا لها بالقرب من مورد الماء حيث نصبوا  الفخاخ الخشبية. فلمّا سقطت في الكمين تركوها حتى أخذ منها الجوع والعطش مأخذاً، وهم في غضون ذلك يترددون عليها ويتقرّبون منها حتى تألفهم وتتعود عليهم، حتى استأنسوها وركبوها قاصدين مضاربهم. وخلال عودتهم نَفِدَ ما لديهم من زاد، وبلغ منهم الجوع مبلغاً، فاتفقوا أن يتسابقوا باتجاه خيامهم ويذبحوا الفرس التي تتأخر. ولكن عقب السباق رفض راكب الفرس الأخير  ذبح فرسه، وأبى إلا أن يُعاد السباق. ثم تأخرت أخرى غير الفرس الأولى، فرفض فارسها ذبحها، وهكذا حتى رفضوا جميعاً ذبح خيولهم. وفي اليوم الخامس ظهر قطيع من الظباء، فأغناهم عن الذبح، وهكذا سَلِمَت الأفراس الخمسة. فسُميت الفرس التي كان يركبها جُدْران الصقلاوية، لصقالة شعرها، وسميت التي كان يركبها شُوَيَّة أم عرقوب لالتواء عرقوبها، أما فرس سّباح فقد أطُلق عليها اسم شويمة لشامات كانت بها، وسميت الرابعة كحيلة لكحل عينيها وكان يركبها العجوز. أمّا الخامسة التي كان يركبها شِّراك، فسميت عبيه لأن عباءة شِّراك سقطت على ذيلها، فظلت ترفعها بذيلها وتردها طيلة السباق.

ولم يخلُ كتاب أنساب الخيل لابن الكلبي من بعض الأساطير حول أصل الخيل العربية، إذ ذكر أن كل الخيول العربية ترجع في أصلها إلى زاد الرَّكب. وتزعم الأساطير أنه من بقية جياد سليمان، عليه السلام، وأن فحول الجياد العربية من نسله، وأن سليمان، عليه السلام، ورث عن أبيه عدداً من الخيل.
وقد حدّث الكلبي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، ما أنه قال: "أول ما انتشر في العرب من تلك الخيل أن قوماً من الأزد من أهل عَمّان قدموا على سليمان بن داود، عليهما السلام، بعد تزويجه بلقيس ملكة سبأ، فسألوه عما يحتاجون إليه من أمر دينهم ودنياهم، حتى قضوا من ذلك ما أرادوا، وهمّوا بالانصراف؛ فقالوا يا نبي الله: إن بلدنا شاسع وقد أنفضنا (نفد ما عندنا) من الزاد، فمر لنا بزاد يبلغنا إلى بلدنا، فدفع إليهم سليمان فرساً من خيل داود، وقال: هذا زادكم! فإذا نزلتم فاحملوا عليه رجلاً وأعطوه مطرداً (رمحاً) واحتطبوا وأوروا ناركم حتى يأتيكم بالصيد. فجعل القوم لا ينزلون منزلاً إلا حملوا على فرسهم رجلاً بيده مطرد، واحتطبوا وأوروا نارهم؛ فلا يلبثون إلا قليلاً حتى يأتيهم صاحبهم بصيد من الظباء والحُمر والبقر، فيأتيهم بما يكفيهم، وفضلاً عن ذلك اغتبطوا به فقال الأزديون: ما لفرسنا هذا اسم إلاّ زاد الركب؛ فكان ذلك أول فرس انتشر في العرب من تلك الخيل".
يُضيف ابن الكلبي أن أول فرس انتشر في العرب "زاد الركب"، فلما سمعت به بنو تغلب أتوا الأزدين فاستطرقوهم فنتج لهم الهجيس، فكان أجود من زاد الركب. فلما سمعت به بكر بن وائل، أتوا بني تغلب فاستطرقوهم، فنتج عن الهجيس الديناري، فكان أجود من الهجيس؛ ومن نسله أَعْوج والوجِيه وغُراب ولاحق وسَيِل".
مهما يكن من أمر، فإن الدراسات الحديثة تؤكد أن الحصان العربي هو وليد الصحراء، ونتاجها الطبيعي. وقد خضع في الصحراء لعملية انتقاء طبيعية صارمة، فلم يصمد أمام قسوة الطبيعة إلا الأجود والأقوى والأصلح من الخيول، حتى إِن بعض الخبراء بالخيل يرى أن كل سلالة كريمة من الخيل، لا تضمن لنفسها البقاء دون اختلاطها بالسّلالة العربية الأصيلة. و للاعتراف بالحصان على أنه عربي أصيل، فلا بدّ أن يكون منحدراً مباشرة من الصحراء العربية، حيث يحرص العرب على أنساب الخيل، فيعرفون كل فرس ومشجّرات آبائه. فهم لا يقفون عند الآباء فحسب، بل يحرصون على حفظ نسب الخيل من الأمهات، لأنها تحمل الصفات النقية الأصيلة. ومن اهتمام العرب بالخيل أنهم كرّسوا لها بعض مؤلفاتهم؛ مثل (أنساب الخيل) لابن الكلبي و(أسماء خيل العرب وأنسابها وذكر فرسانها) للغندجاني، و (كتاب الخيل) للأصمعي، وغيرها.
وقد اشتهرت كثير من الخيول بنسبتها إلى الجد الأكبر، وبقيت أنسابها متوارثة في مكان نشأتها في جزيرة العرب، فوق هضاب نجد ومنطقة عسير. فهذه المناطق كانت، وما زالت، من أخصب المناطق وأكثرها ملاءمة لتربية الجياد الأصيلة. وقد أكدت الكشوف الأثرية أن الحصان العربي أصيل في شبه جزيرة العرب، ولم يفد إليها من خارجها. وقد جاء في كتاب "الأقوال الكافية والفصول الشافية في الخيل" للغساني، أن عروبة الخيل وأصالتها وقدمها أمر تؤكده المصادر العربية، والأحاديث النبوية الشريفة؛ وأن الخيل سُميت عراباً لأنها عربية.



صفات الخيل العربى الأصيل :


 يتمتع الحصان العربي الأصيل ببنية جسمانية متينة ومتكاملة، إلا أن صفاته الجسمية تختلف باختلاف المناطق التي ينشأ فيها. ففي الجزيرة العربية نفسها تختلف صفات الحصان من إقليم إلى آخر، ومن ثم تختلف هذه الصفات عن نظرائها في الشام والمغرب. وبالنظر في تاريخ الخيل عند العرب نجد أن الخيول النجدية هي أجودها وأعرقها، ويُرجع بعض أهل المعرفة بالخيل الصفات الجيدة التي تتميز بها هذه الخيول إلى مناخ الجزيرة العربية، خاصة هواء نجد الجاف. وتعتبر الخيول النجدية النموذج الكامل للحصان الأصيل، في الركوب أو السباق.
 تمتاز الخيول النجدية بصغر الرأس، بل إن هذه الميزة هي أهم ما يلفت الانتباه في الحصان العربي الأصيل، وعليها يتوقف حسنه ومعرفة مدى أصالته وهمته. فرأس الحصان العربي الاصيل صغير الحجم، جميل التكوين، ناعم الجلد، خال من الوبر، قليل لحم الخد. وأحسن رؤوس الخيول العربية ما كان على شكل هرم؛ قمته إلى أسفل وقاعدته إلى أعلى، مع جمال وتناسق في الشّكل، فهو ذو جبهة عريضة تُزيّنها غُرَّة (بياض) في وسطها، وعينان واسعتان سوداوان جميلتان، بعيدتان عن الأذنين، يسترسل عليهما شعر الناصية فيقيهما من أشعة الشمس المحرقة. وقد أشار رسول الله r إلى أهمية شعر الخيل في قوله: ]لاَ تَقُصُّوا نَوَاصِي الْخَيْلِ وَلاَ مَعَارِفَهَا وَلاَ أَذْنَابَهَا فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا وَمَعَارِفَهَا دِفَاؤُهَا وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ[ (سنن أبي داود، الحديث الرقم 2180). ولذا نجد العرب يستقبحون جزّ نواصي خيولهم، وعادة ما يرسلونها إلى الجهة اليمنى من العنق، وأفضل النّواصي الطّويلة الصّافية اللون. وللحصان الأًصيل مخطم (مقدم الأنف والفم) دقيق، وأنفُ مستقيم به منخران واسعان مستديران، يساعدانه على استنشاق قدر أكبر من الأوكسجين في حال الركض. وعضلات خده بارزة، والمسافة بين الفكين عريضة، وفمه واسع الشدقين. والرأس في الأنثى أصغر قليلاً منه في الذكر. وتعلو الرأس الأذنان، وهما منتصبتان سريعتا الحركة وحسّاستان، يدل انتصابهما على حيوية الحصان وعنفوانه ونشاطه، بينما يُستقبح استرخاء الأذنين إذ يدل على عكس تلك الصفات، والأذن في الأنثى أطول قليلاً عنها في الذكر .
يتميز جذع الحصان العربي الأصيل بخصائص تركيبية تختلف عن سائر الخيول، وعليها تتوقف قوته وسرعته وصبره. فكاهله (ما بين الظهر والعنق) عالٍ حسن التركيب، دقيق في أعلاه. أما ظهره فقصير وعريض. وينفرد الحصان العربي بأن عدد الفقرات العظمية في ظهره، يقل فقرة واحدة عن الخيول الأخرى. وأفضل المتن (الظهر) في الخيل ما كان قوياً قصيراً مستقيماً، منحرفاً قليلاً من الخلف إلى الأمام. وكلّما اتسعت المسافة بين منكبي الحصان، كان ذلك دليلاً على ضخامة الصدر وحسنه، إذ  بفضل ضخامة الصدر، يتوافر للحصان العربي مكان كاف لرئتيه الكبيرتين، وهذا يساعد على إدخال أكبر قدر من الأكسجين دفعة واحدة إلى الرئتين، مما يساعد بدوره على التّنفس بطريقة سهلة، ولذا يقطع الحصان العربي المسافات الطويلة في سرعة خارقة، دون أن يظهر عليه أثر التعب أو الإجهاد الشديدين.
أمّا البطن فيكون عادة متناسقاً مع الجسم، إلا أن بطون الإناث أكثر رحابة، والأضلاع متسقة تملأ فراغ الخاصرتين. ويغطي جسم الحصان العربي شعر لامع براق ليّن الملمس. ويقل عدد الفقرات الذيلية فقرتين عنه في سائر الخيول، بينما نجد الذيل  مرتفعاً عند منبته. وقوائم الحصان العربي ذات عضلات قوية، ولا توجد بها زوائد قرنية غالباً، وهي تتصل بالكتفين المائلين إلى الأمام. ويتصل بها العضد ذو العضلات الصّلبة الذي يساعد في سرعة العدو. أما الساعد فأفضله ما كان قصيراً مستقيماً بارز الأوتار، ويستحب أن تكون الحوافر صغيرة صلبة وقوية. وساقا الحصان الأصيل مستقيمتان دون انحراف، وفيها قصر ومتانة.
وإلى جانب هذه السِّمات الجِسْمية للحصان العربي، فهناك ميزات أخرى يتفوق بها على سائر الخيول، منها:
1. اكتمال اللياقة ، فالحصان العربي قليل الأمراض، وسريع الشفاء من الجروح مهما بلغت، بل إن عظامه لتجبر عقب الكسور في سرعة ملحوظة.
2. الصّبر ، للحصان العربي قدرة عالية على تحمل المشاق تحت أقسى الظروف، والصّبر عليها ومواصلة السير.
3. الشّجاعة ، يتميز الحصان العربي بشجاعة فطرية تساعده على الثبات في المعارك، تحت صلصلة السيوف. وقد أدهش العالم، بشجاعته المنقطعة النظير، فهو لا يتأثر بالأصوات المهوّلة، بل يحتفظ بهدوء نادر. أما في الصيد فقد أثبت جدارته، إذ لا يخشى النّمر ولا الأسد، بل يُستخدم في الهند لصيد هذه الحيوانات الوحشية.
4. الذّكاء والوفاء ، يأتي الحصان العربي في مقدمة الخيول في العالم من حيث الذّكاء، وقوة الذّاكرة والوداعة، والوفاء لصاحبه، وهو حساس سريع الاستجابة لأدنى إشارة من فارسه، وفوق ذلك له القدرة على التكيف مع تقلبات المناخ من حرارة وبرودة.
5. الخصوبة ، ومن صفاته أيضاً أنه عالي الخصوبة، يستوي في ذلك الذكر والأنثى، فتقدمه في العمر لا يقلل كثيرا من خصوبته، ولا يؤثر في قدرته على التناسل.
6. عدم الشّراهة ، يكتفي الحصان العربي بالقليل من الطعام، فهو ليس شرهاً أو أكولاً، بل يبقى دائماً على أتم استعداد لأداء ما يطلب منه، ولا يفقد حماسه أبداً لقلة ما يقدم له من الكلأ. وأمعاؤه أقصر من أمعاء الخيول الأخرى.
7. صغر الحجم ، يتميز الحصان العربي الأصيل بصغر حجمه، مع شدة وصلابة. ولعل قدرة الخيول العربية الأصيلة على تحمل الصِّعاب والمشاق تتناسب وصغر حجمها، وأن كمية المياه الضئيلة في الأنسجة تساعد على صمود هذه الخيول أمام الصِّعاب. وقد تقلص حجم الحصان العربي الأصيل إلى أدنى حد، فلا يوجد لديه ما يزيد في وزنه أو حجمه بغير موجب، ولا يعود حجم الجسم بأكمله إلى العوامل الجغرافية وحسب، بل ناتج أيضاً عن التغذية التي يُقَدِّمها العربي إلى جواده الصّحراوي".
8. حبه للموسيقى ، للحصان العربي خاصة، يشترك فيها مع الخيول الأخرى، وهي حُبّه للموسيقى، وطربه لها. وهو يُعبر عن استجابته للموسيقى بخطوات حوافره، وبتمايل جسمه على نحوٍ موافقٍ لحركة الإيقاع الذي يسمعه.

سُلاَلاَت الحصان العربي :


 أثبتت الكشوف الأثرية الحديثة أن الحصان العربي أصيل في شبه الجزيرة العربية. وقد حرص العرب على إثبات أنساب خيولهم، كما حرصوا على حفظ شجر أنسابهم. وهناك مؤلفات كاملة موضوعها أنساب الخيل، مثلما فعل ابن الكلبي والغندجاني والأصمعي وغيرهم.
وتندرج تحت سلالة الحصان العربي الأصيل خمس فصائل رئيسية، يُعتقد أنها تنتمي للخيول الخمسة التي أسلفنا ذكرها عند الحديث عن أصل الحصان العربي، وهي: الِكحيلان، والصّقلاوية، والعَبيْان، والشِّويمات وأم عَرْقوب. وقد ساد هذا الاعتقاد حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث أظهر بعض الأوربيين، وفي مقدمتهم المستشرق "كارل رضوان" اهتماماً بالخيل العربية، فقسموا سلالاتها إلى ثلاثة أنواع رئيسية، يدخل ضمنها 20 فصيلة رئيسية، تتفرع بدورها إلى 240 فصيلة فرعية. أما فصائل الحصان العربي من جهة الأم فقد أرجعها الباحثون إلى 23 فصيلة تعود في معظمها إلى أنواع ثلاثة؛ هي: الكحيلان، والمعنّكي، والصّقلاوي، (قد تُبْدل الكاف قافاً في المعنكي فيصبح: المعنقي).
أ. الكحيلان
يُعتبر أفضل الخيول العربية المُخَصّصة للركوب. وجماله ذَكَري الطابع، فحتى إناثه لا تخلو من مسحة ذكرية جميلة. ويتميز بكبر حجمه، وضخامة عضلاته، ويغلب عليه اللون البُنّي. وتندرج تحت فصائله فروع عديدة، منها: الحمداني والهدبان والشِّويمان والرَوْضان والوَدْنان والعجوز  والجّلابي والهيفي، والكروشان.
ب. الصّقلاوي
يعدُّ أفضل الخيول العربية لأغراض الاحتفالات، والمهرجانات، والاستعراضات. ويرجع ذلك إلى جماله الباهر الذي يتخذ الطابع الأنثوي حتى عند الفحول. ويمتاز عن الكِّحيلان برأسه الجميل، وجبهته العريضة، مع تَقَعُر واضح في جانبيّ الأنف، وهو أقل حجماً من الكحيلان. ومن أهم فصائله لجهة أمه: الصقلاوي  والعبيان  والجدراني  والدّهمان والرِّيشان  والطّويسان والموّاج  والميلوا و الشيفي والجدراني بن سودان.
ج. المَعَنّكي
جواد ممتاز، أكثر ما يُسْتَخدم لأغراض العدو والسباق. ويمتاز بطول عنقه ورأسه. فاره الجسم، ضخم الحجم، إلاّ أنه خشن المنخرين، وعيونه صغيرة إذا قورنت بعيون الخيول العربية الأخرى. ويختلف عنها أيضاً بكثرة الزوايا في وجهه. وتبقى الخيول المعنكية أصيلة ما دامت محافظة على صفاء سلالتها دون اختلاط مع السلالات الأخرى، لأن الاختلاط في أي مرحلة من مراحل تطورها يُفْسِّد نسلها ويزيل أصالتها. وهو من السلالات العربية التي دخلت إلى أوربا، ومن أشهرها الحصان العربي "دارلي" وهو الجد الأكبر للسلالة المعروفة "بالثروبيرد"، الذي كان معنكياً حَدْرياً. ومن أهم فروعه: المَعَنّكي والجَلْفان والسّعدان، والسّمحان، وأبو عرقوب، والمخلّدي، والزّبدان، والسَّبيلي (نسبة إلى ابن سبيل) والحَدْري (نسبة إلى ابن حدر)، والكوبيشان.
ويُرجح العارِفون بالخيل، أنّ هذه الأسماء مستمدة من ألوانها أو شِّيات (علامات) بها. فالكحيلان سميت كذلك لسواد ما حول عينيها، كأنه كحل. والعَبْيان سُميت بذلك لأنها ردت عباءة راكبها بذيلها. والشّويمات سُميت كذلك لكثرة الشّامات في جسمها. والعرقوبيات لالتواء في عرقوبها. أمّا الصّقلاويات فسُميت بذلك لصقالة شعرها وسرعة عدوها.
ويذكر بوركهارت أن المماليك في مصر كانوا يُقَدِّرون سلالات الكحيل المنحدرة من الصحراء، وينفقون الأموال الطائلة لتوليدها محلياً في مصر وكانوا يتقيدون بالأساليب العربية في كل ما يتعلق بالخيل وتربيتها. كما عدّوا المعرفة بالخيل من علامات المكانة الاجتماعية الرفيعة. وكان أعظم شيء يُنفق عليه المال عندهم، هو إسطبل الخيل.
ويعتقد البدو أن خمس سلالات أصيلة من الخيل، تنحدر من خيل النبي ـ r المُفَضّلة، وهي: المُعنكية، والهويسه، والكحيلة، والصقلاوية والجلفة.
وأما السُّلالات الخمس، التي يُعتد بها عند أهل نجد اليوم فهي: الكَحيلاء، والعبيه، والصّقلاوية، والدّهماء والهَدْباء.
وتختلف السُّلالات الأصيلة عند أهل نجد عنها عند البدو، إذ إِن النجديين لا يعدون المعنكية والجلفة من نسل السُّلالات الخمس، بل هم يعتزون بنسل الهَدْباء والدّهماء كثيراً، ولا يستعملون أبداً نسل المنحدرة من أصل الكحيل فحولاً، خلافا للبدو.
ويرى بوركهارت أن هذه السلالات الخمس تتفرع إلى شعب كثيرة. فكل فرس جميلة سريعة العدو منحدرة من سلالة من تلك السلالات الخمس، يمكن أن تصبح أصلاً لفرع جديد يسمى أفراده باسمها، ولهذا فإن أسماء السلالات العربية في البادية لا تحصى.
وتتقسم سلالات الخيل المعاصرة إلى الآتي:
1. الخيول النجدية
وتعد أعرق السلالات، وهي طويلة الأعناق، صغيرة الرأس، جميلة القوام، قليلة لحم الوجه والخدين، دقيقة الآذان، عريضة الأكفال، رحبة البطون، غليظة الأفخاذ، وهي قوية جداً وسريعة تلوح على وجهها علامات الجِّد.
2. الخيول الحِجَازية
صلبة الحوافر، متينة الأرساغ (الرِّسخ الموضع المُسْتدَق بين الحافر والساق)، وذات أحداق حسناء سوداء، وليس لبدو الحجاز إلاّ عدد قليل من الخيل.
3. الخيول اليَمَنِيَّة
غليظة القوائم، تميل أعناقها إلى القصر، وهي مدورة الأبدان، خشنة، خفيفة الأجناب، ذات حدة في أكفالها. ولا توجد باليمن أنواع جيدة إلا الخيول المجلوبة من نجد. ويُعتقد أن مناخ اليمن غير مناسب لتربية الخيل.
4. الخيول المِصْرِية
دقيقة القوائم، طويلة الأعناق والأرساغ، جيدة الحوافر، قليلة الشعر، حديدة الآذان، ويحتفظ عرب بني رشيد ومعزّى في صعيد مصر بسلالات من الخمس.
5. الخيول الشَّامية
وهي جميلة الألوان، واسعة العيون، كبيرة الأحداق، لينة الحوافر، جباهها صلعاء، ويُعتقد أنها من أفضل السّلالات وأنقاها اليوم.
6. الخيول المغربية
عظيمة الأعناق، عالية الوجوه، ضيقة المنخرين، غليظة القوائم، مدورة الأوظفة، طويلة السبيب.
ويضيف بوركهارت إلى هذه السلالات العربية سلالتين، هما:
أ. الثامرية وهي من نسل الكحيلان.
ب. النزاحي وهي من نسل الهدباء.
ولا يشير البدو في الصحراء عادة إلى شجرة نسب خيولهم العربية، وذلك لمعرفتهم التامة بأصول خيولهم وأنسابها كما يعرفون أصولهم وقبائلهم. ولكن حينما يأخذون خيولهم إلى أسواق المدن مثل البصرة أو بغداد أو حلب، أو دمشق أو المدينة المنورة، أو مكة فإِنهم يحملون معهم شجرة نسب مكتوبة يعرضونها على المشتري
وفي مركز الخيل العربية في الجنادرية قرب مدينة الرياض تصدر شهادة للخيل العربية. ويُثبت في الوجه الأول للشهادة اسم المملكة العربية السعودية وشعارها، واسم المركز، واسم الحصان، ورقمه، وتاريخ ميلاده، ولونه، وأوصافه. فيُذكر اسم الأب ولونه ورقمه، واسم الأم ولونها ورقمها، واسم المربي أو صاحب الحصان، ويُكتب في أسفل هذا الوجه تاريخ إصدار الشهادة. وأما في الوجه الآخر فيثبت الرقم وصورة تخطيطية للجانبين الأيمن والأيسر للجّسم، والوجه، وأشكال القوائم من اليسار والخلف واليمين والأمام. ويذكر نسب الأب ونسب الأم، وتوقيع من تولى إعداد هذه المعلومات .
وإصدار الشهادات للخيل ليس أمراً مستحدثاً، بل هو عُرف قديم سار عليه البدو. فعند ولادة كل مهر أصيل، يجتمع عدد من البدو ويكتبون شهادة تُثبت اسم أبيه وأمه وصفاته المميزة، ولا يذكر عادة أسماء جدود المُهْر في هذه الوثيقة، لأن أصالة نسبّي الأم والأب تكون معروفة مشهورة لدى أفراد القبيلة. والكثير من الخيل تنتمي لدى البدو إلى أصول معروفة مشهورة، بحيث يمكن أن تثبت نقاوة دماء المئات بل الآلاف منها. وتكتب شجرة النسب غالباً في قطعة صغيرة من الجلد، وتغطى بقماش مشمع، وتعلق برقبة الفرس أو الحصان.

الصِّفات الجمالية المطلوبة في الحصان العربي :

يستحب أهل الخيل في الحصان العربي الصفات الجمالية الآتية:


v  شكل الرأس كالهَرم، مع صغر حجمه وتناسقه.
v  اتساع المنخرين، مع استواء قصبة الأنف من مستدقها، ورقة عرضيها وسهولتهما.
v  طول الناصية (الشعر النابت بين الأذنين) مع لين شكيرها. (الشكير: الزغب أو الشعر الخفيف).
v  صفاء العينين واتساعهما مع شِدَّة سوادهما، وحِدّة النظر وبعد مدى الطَّرْف. كما يُستْحب في العَيْنَين النْجلُ (السعة)
والكَحَلُ (السواد)، وضيق النقرتين اللتين فوقهما، وبُعد ما بينهما والأذنين من أعلى. أما الحاجبان فيستحب فيهما الدقة.
v  عرض الجبهة وخلوِّها من اللحم، ولصوق جلدها بالعظم.
v  طول الأذنين، مع انتصابهما وحدتهما من أصولهما.
v  رحابة الشِّدقين(الشِّدق: زاوية الفم من باطن الخَدَّين)، وحدة الأسنان.
v  طول العنق ورقة مذبحه وسالفتيه (السَّالِفَة، الجمع: سوالف، وهي مقدمة العنق)، وشدّة تركيب العصبتين اللتين تحت منبت عرفه
('العرف: الشعر النابت في رقبة الفرس.') من كاهله (الكاهل: أعلى الظهر مما يلي العُنق).
v  قصر العضدين (بين الكتف والساعد)، ووظيفي اليدين والظهر والساقين.
v  طول الذراعين، وغلظهما وعبالتهما (الامتلاء) من أعاليهما.
v  عرض أوظفة (بين العرقوب والساق) الرجلين، وعبالتهما وعرض الفخذين.
v  عظم الحوافر وكبرها وارتفاع حواميها، وحدة سنابكها وبُعد إلية الحافر من الأرض.
v  طول البطن وصلابة جِلْدَه.
v  كبر الصدر وضخامته وارتفاعه، مع سعة جلده.
v  طول شعر الذيل مع قصر العسيب (منبت الذنب)، وكثرة الشعر في الُثَنن (الشعيرات التي في مؤخّر رجل الفرس).

 : شِّيات (علامات) الحصان العربي


 أكثر شِّيات الحصان العربي بيضاء، وإذا وقع البياض في الوجه ووسط الجّبهة، يسمى "غُرّة"؛ وجمعها "غرر". ولا يطلق هذا الاسم إلاّ إذا كانت الغُرّةُ أكبر حجماً من الِدْرهم، لأنها إن كانت أصغر تسمى "قَرْحَة". وتكره العرب القرْحة إذا لم يصاحبها بياض في الأعضاء الأخرى للفرس. والغُرر أنواع:
Ø   النّجمة  
وهي لطخة صغيرة من الشعر الأبيض على جبين الفرس، وتعد أول مراتب الغرر.
Ø  الشّادِخة
 لطخة من الشعر الأبيض أكبر من سابقتها، تغطي الجبهة بأكملها، وتسمى أحياناً الطّلعة البهية.
Ø  السّائلة
 إذا ملأت الغرةُ الجبهة وامتدت إلى قصبة الأنف، أو سالت على أرنبة الفرس على شكل جدول ضيق.
Ø  الشّمراخ 
إذا نزلت الغُرّة؛ إلى قصبة الأنف، ولم تبلغ الجَحْفَلة (الشفة).
Ø المُبَرّقعة
إذا غطت الغرة وجه الفرس كله، ويقال له مبرقع.
Ø المُغْرِبة
إذا كسا الشّعر الأبيض أشفار العينين، ويُسمى الفرس المُغرب.
Ø المُنْقَطعة
وتسمى غُرّة منقطعة إذا بلغت محل المرسن وانقطعت. أو كانت بين العينين والمنخر، وهي من أفضل الغرر.
Ø السّارحة  
إذا غطت الغرة الوجه كله عدا العينين.
أما التَّحجيل، وهو الشعر الأبيض، يكون في قوائم الفرس في أجزاء منها محددة. ولا يُطْلق التَّحجيل على الشِّية، ما لم تكن في رجل الفرس؛ إذ أن الكلمة مشتقة من الحِجْل وهو الخُلْخَال، الذي تلبسه النساء. فإن كانت قوائم الفرس الأربع بيضاء، سُمِّي "محجل الأربع"، وإن كان البياض في ثلاث، فهو محجل ثلاث مطلق واحدة. ويُستحب في هذه الحالة أن تكون رجله الأمامية اليمنى غير مُحَجّلة، أي بلون جسمه، وهو "المُطْلَق" ويسمونه "مطلوق اليمين". وإذا كان البياض في قائمتين فهو محجل الرجلين. وإذا كان البياض في يد ورجل من خِلاف، كأن يكون في الرِّجل اليسرى، واليد اليمنى، أو العكس فيطلق عليه الفرس "المشكول"، وهو ليس بمحبوب. وإذا بلغ البياض العرقوبين، والركبتين، يُسمى "الفرس مُسَرّولاً". وهو أعصم إذا كان البياض بيديه دون رجليه. وإذا كان البياض في يد واحدة فقط فهو "أعصم اليمنى"، أو "أعصم اليسرى". أما إذا كان البياض برجل واحدة فيسمى الفرس "أرجل". وقد ورد باب كامل في كتاب مبادئ اللغة لأبي عبد الله محمد بن الخطيب الاسكافي، (المتوفى سنة 421هـ)، عن الشيات والأوضاح في الخيل.
ومن شِّيات الرأس ما يلي:
Ø   فرس أصقع: أبيض أعلى رأسه كيفما كان لون جسده. وأقنف: أبيض القفا، ولون سائر جسدِّه كيفما كان. وموقف أبرش أعلى الأذنين، كأنهما منقوشتان ببياض. وفرس أذرأ: منقوش جميع الأذنين ببياض. وفرس مُوَشّح: أبيض ما بين الأذنين إلى البطن. وأرخم وأغش: أبيض جميع الرأس.
Ø   ومن شيات الناصية(الناصية: مُقدّم الرأس، أو شعر مُقدّم الرأس إذا طال): ناصية صفحاء: قد شاب أعلاها. وسعفاء: قد شابت كلها، والفرس أسعف. وصبغاء: خلص بياض جميعها، والفرس أصبغ، وناصية مُعَمّمة، وفرس معمم، أصعد (ارتفع) بياضها إلى منبتها وما حولها من الرأس. وناصية شعلاء، وفرس أشعل ابْيَضّ جانب من ناصيته.
Ø   أمّا النّياشين والنخلات والنقشات، فهي أسماء علامات تشبه الدوائر، تنشأ من نمو الشعر المختلف الاتجاه على سطح جلد الفرس. وبعضها يتفاءل به العرب، وبعضاً آخر منها قد يدعو إلى التشاؤم، مثل الدائرة التي تكون أعلى كتف الفرس على الحارك (الحارك: أعلى الظهر مما يلي العنق ويُسمى الغارب والكاهل)، وتمتد إلى أسفل وتدل ـ في اعتقاد بعضهم ـ أن صاحب الفرس سيموت على ظهره. ويتفاءلون بدائرة العمود، وهي قريبة من العُرْف في موضع القلادة من الفرس. ودائرة الصدر يراها بعضهم مصدر تفاؤل بالكسب والغنى، وكذا دائرة السَمَامة (السَمَامة: دائرة مستحبة في عُنق الفرس) في وسط العنق، ودائرة الحزام في موضع الحزام من الفرس، ويعتقد بعضهم أنهما مصدر فأل بالخير الوفير. أما دائرة الهقعة (هَقَعَ الفرس كواه) التي توجد عادة تحت الأبط، فيتفاءلون بها لطول العمر. 

ألوان الخيل في التراث العربي :

 وردت ألوان الخيل في التراث نثراً، أكثر مما وردت شعراً. وقد أوردها عدد من الكتاب، يُعد  أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي، المتوفى سنة 421هـ، في كتابه "مبادئ اللغة" من أشهرهم. وكذلك أوردها القلقشندي، والكلبي، ولعل الأخير هو أكثر من فصّل القول في ألوان الخيول العربية نقلاً عن أبي عبيدة. وهذا الاستقصاء الدقيق لألوان  الخيل، وأوصافها وشّياتها، والوقوف على الاختلافات الدقيقة، التي لا تظهر للعيان بل للمختصين فقط، ليدُل على شِّدة عناية العرب بالخيل. وقد جعل العرب ألوان الخيل الرئيسية عشرة، هي: الدُّهمة، والخُضْرَة، والمَصّدأة، والكُمتة، والورْدة، والشّقرة، والصّفرة، والصِّنابية، والشّهبة، والبَلق. وكل لون من هذه العشرة يتفرع بدوره إلى درجات متفاوتة من اللون الرئيسي، وذلك على النحو التالي:
الدُّهْمة
هي السواد الخالص، والفرس الأدهم الخالص هو الذي تشتد خضرته حتى يَصْفى سواده، ويذهب ما يخالط  الخضرة من الغبرة. ويُعد الأدهم الخالص أشد الخيل الدّهم سواداً، وأصفاها شَعْراً ولوناً. وتسمى الأنثى دهماء، والجمع: دهم ودهمان.
ومن مراتب الدهمة: الجْوُن، وهو أقل سواداً من الأدهم الخالص، ثمّ الأحم: وهو أقل سواداً من الجَوْن، إلاّ أنه أحمر المنخرين والخاصرتين، ويقال فيه: أدهم أحم، وأدهم أحمر. ويعقب ذلك الأكهب: وهو أقل سواداً من الجون، وتحمر منخراه، وتصفر شاكلته صفرة تشبه الخضرة، فيسمى: الأدهم الأحوى (أي سواد إلى الخضرة أميل). أمّا الأصبح فمثل الأحوى، منخراه أميل إلى الكمتة. والغيهبي: هو الأدهم الحالك السواد. والدَجُوجي: الأدهم الصّافي اللون.
قالت العرب "دُهمُ الخيل ملوكها" وقد روي عن الرسول ـ r أنه قال: ]خَيْرُ الْخَيْلِ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ الأَرْثَمُ مُحَجَّلُ الثَّلاَثِ مُطْلَقُ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 21518).
ويقول أبو تمام:
الخُضْرة وما شاكلها
الخضرة، وما يماثلها في ألوان الخيل، هي: غبرة يخالطها دُهَمة حتى تضرب إلى الخضرة، وهي تختلف عن اللون الأخضر الذي هو لون الزرع والعشب وغيره، ذلك أن الخضرة هي السَّواد عند العرب، وليست الخَضَار. والأخضر من الخيل: لونه لون الخُضْرة، وهو "الديزج" عند الفُرس في قول بعضهم. والأخضر الدَّيزج: يكون لون وجهه وأذناه ومنخراه لون الرماد الأسود، وقد تسميه العرب الأدغم أيضاً. والأخضر الأحم: هو أدنى إلى الدُّهمة وأشد سوادا،ً غير أن أقرابه وبطنه وأذنيه مخضرة. والأخضر الأحوى: هو المُشَاكل للدُّهمة، وهو أقل سواداً من الجون. والأصحم من الخيل: هو الأخضر الذي فيه سواد إلى الصّفرة. والأطحل: هو الذي يعلو خضرته قليل صفرة كلون الحنظل، وقيل في الطحلة: إنها على لون الطّحال، وقيل: هي بين الغبرة والبياض، كما يُقال: إذا اشتد سواد الأزرق فهو أطحل. والأورق من الخيل: هو الأخضر الذي لونه كلون الرماد ودخان شجر الرمث، وهو الذي تخضر سراته وجلده كله، ويكون من حاركه إلى اصل ذنبه خط أسود، ويسمى ذلك الخط، منه ومن أي الألوان كان، الغمامة (القهامة)، أما الوُرْقَة: فهي سواد في غبرة.
والطخم من الخيل هو الأخضر، الذي لون وجهه ومنخريه وأذنيه لون الفرس، الذي يسمى الدّيزَج بالفارسية. والدّيزج من نعوت الخضر، وهو فارسي معرب، وهو أسود الظهر والقوام والناصية والعُرف والذنب، يخضّرُ بطنه وباطن أفخاذه وآباطه ومحجر عينيه، وقيل في الدّيزج: إنه الأسود في دُكْنة، ورأسه أشّد سواداً. والأربد من الخيل: هو الذي لونه دون لون الأكهب في السواد، وهو إلى الغبرة أقرب، يشبه لونه لون الرّماد. ومثله الأخضب والأرمد والطّلمة: نحو الرّبدة والرّمدة، هي غَبْرَة في سواد.
الصّدأة
الصّدأة في ألوان الخيل كُدْرةٌ صَفِرة تَضْرِبُ إلى السواد، وتعلو كل لون من ألوان الخيل ما خلا الدّهمة. والفرس منها أصدأ، والأنثى صدأء؛ ويقال في الصَّدْأة إنها شَقْرة يخالطها سواد، وقيل: هي سواد مُشرْب حُمْرة، وقيل: إنها لون بين الشُّقرة والدُّهمة. والأصدأ مثل الوِرْد والكُميت والأشقر، فهو فرع من درجات اللون الأحمر، إلاّ أن حمرته تُقارب السواد، وفيه صُفرة قليلة جعلت لونه أقرب إلى الصدأ.
الكُمتْة
 حُمْرةٌ يداخلها سواد، ويستوي فيها المذكر والمؤنث. ويُفّرق العرب بين الفرس الكُميت والأشقر، بالعُرْف والذنب. فإن كانا أحمرين، فالفرس أشقر، وإن كانا أسودين: فهو كُمَيْتٌ. والأحم من الكُمْت هو الأقرب إلى السواد.
والأحوى هو الفرس الذي احمرت مناخره وأقرابه (القرب: الخاصرة)؛ ومراقه، وشعر جسده أقل سواداً من شعر الأحم. والأصحم: أظهرُ حمرة في سراته من الأحوى، غير أن حمرته ليست صافية. والمُدمّى من الكمت: هو الشديد الحمرة في صفاء اللون. والمذهّب: هو الذي خالط حمرته صفرة تشبه لون الذهب.
والكُمَيْت الأحمر مثل المُدمّى، إلاّ أنه أشد حمرة منه،الذي اشتدت حمرته واستوت في أطراف شَعْره وأصوله. والمحلف: هو أدنى الكُمْتة إلى الشّقرة. وقيل: هو الذي لم يخلص لونه فيختلف الناظرون إليه، فيقول بعضهم هو أشقر، ويقول بعضهم هو وهو  وِرْد، ويقول بعضهم هو كُمَيْت. والكميت الأكلف: هو الذي لم تَصْفُ حمرته، ويُرى في أطراف شعره سواد أقرب إلى الاحتراق. والكميت الأصدأ: هو الذي فيه صدأة وكدرة وفيه صفرة قليلة شُهِّبت بصدأ الحديد. وتمدح العرب الفرس الكميت بصبره، وقوته، حتى قالوا في أمثالهم السائرة: إذا قيل إن الفرس الأحمر وقع من أعلى الجبل وسَلِم، صَدِّق". وقد ورد في كتاب الفروسية للرَّماح: أن رجلاً جاء إلى النبي ـ r فقال: إني أريد أن أُعدّ فرساً. فقال رسول الله ـ r  ]اشْتَرِ أَدْهَمَ أَرْثَمَ مُحَجَّلَ طَلْقَ الْيَدِ الْيُمْنَى أَوْ مِنْ الْكُمْتِ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ تَغْنَمْ وَتَسْلَمْ[ (رواه الدارمي، الحديث الرقم 2321). وقد أورد ابن الأثير في كتابه جامع الأصول في أحاديث الرسول، أن الرسول ـ r  قال: ]عَلَيْكُمْ بِكُلِّ كُمَيْتٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ[ (رواه أبو داود، الحديث الرقم 2181). وقالت العرب: "دهم الخيل ملوكها وشقرها جيادها وكمتها شدادها".
          أمّا في الشِّعر العربي فقد ورد الكثير في وصف الخيول الكُمْت، ومن ذلك  قول الشاعر الجاهلي علقمة الفحل:
الوِرْد
هي الحمرة الخالصة في الخيل، بينما الجلد وأصول الشعر سودوان، وفي وسط الظهر من الحارك (الحارك: ملتقى لوحتي الكتفين بين العُنق والظهر) إلى الذنب خطة صهباء، هي أقرب إلى السواد، تُسمى "القهامة". والوِرْد الأسود هو الذي تعلوه صفرة مشاكلة للون الكمتة المذهّبة تعلوها كدرة، وغمامته سوداء حالكة. والأغبس: هو ما تسميه العجم "السّمَند"، وعليه حمرة ليست بالصافية تخالطها شعرة من السّواد فيها حمرة، وقيل الغُبسة: بياض فيه كدرة كلون الذئب. والغترة في الألوان شبيهة بالغبسة يخالطها حمرة، ويقال الأغبس من الدواب هو الأدلم: قالوا الغَبْسةُ مثل الدُّلْمَة، وقيل في الأدلم إنه أسود.
وجاء في الوِرْد قول المرّار بن مُنْقذ واصفاً فرسه:
الشُّقْرة
حمرة صافية، يَحْمرُ معها العُرف والذنب، فإن أسودَّا سُميّ اللون كمَيتاً. وجمع الأشقر شُقر.
وقد قيل إن العرب كانت تتشاءم بالفرس الأشقر، فأراد الرسول ـ r  إبطال هذا التشاؤم، فقال: ]يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا[ (رواه أبو داود، الحديث الرقم 2182). وقد جاء في الأخبار أن العرب كانت تتشاءم بالأشقر بسبب سرعته المُفْرِطة في الحرب، ويروى أن لقيط بن زرارة كان في يوم جبلة، على فرس أشقر فجعل يقول: "أشقر إن تتقدم تُنحر وإن تتأخر تُعقر" فذهبت مثلاً. ذلك أنّ شُقْر الخيل سراعها، فالأشقر إذا جرى على سرعته المعهودة، كان في الحرب أول الخيل التي تصل إلى العدو فَيُنْحَرُ (أي يُقْتَل)، وإن أبطأ وتقهقر منهزماً، أتوه من خلفه فعقروه.
وقد قال الفرذدق في معنى المثل:
ولمالك بن الرّيب، في قصيدته التي رثى فيها نفسه، ذِكرٌ لفرسه الأشقر:
فالشاعر يتحسر على ضياع فرسه الأشقر، بعد موت فارسه، إذ لن يجدَ من يعتني بطعامه وشرابه، كما كان يفعله صاحبه في حياته.
وقد ورد في المثل: إذا قيل: أشقرٌ رُئي طائراً، صَدِّقن؛ وذلك لسرعته.
وقد روي أن الرسول ـ r بعث سرية، فكان أول من جاء بخبر النصر فارس الحصان الأشقر. وروي أيضاً أنه قال: ]عَلَيْكُمْ بِكُلِّ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحّجَّلٍ أَوْ كُمَيْتٍ أَغَرَّ[ (رواه  أبو داود، الحديث الرقم 2182).
الشُهْبة
ليس في ألوان الخيل ما يُسمى الأبيض، فالشُهبة في ألوان الخيل هي البياض الذي غلب عليه سواد، فالفرس أشهب، والأنثى شهباء والجمع شُهُبْ. والحديدي هو الفرس الذي غلب على شُهْبته السّواد، كأنه في لون الحديد .
 وإذا شمل بياض الأشهب شعرات سود مفرقة، كثرت أو قلت، قيل فيه: أشهب أحم بسواد. وإذا شمل البياض شعرات حُمْر، على ما وصفت في السواد، قيل فيه: أشهب أحم بحمرة. وإذا غلب بياض الأشهب سواده، فهو الأشهب الكافوري نسبة إلى طلع النخل، وهو أيضاً الأشهب الواضح وهو أشد ما يكون من البياض، ولا يقولون فرس أبيض.
ويذكر بكتوت الرماح في كتابه "علم الفروسية وسياسة الخيل"، أن الحصان الأشْهَب من المراكب الفاخرة، ومنه جنس يقال له الدّبَاتي، هو أفره الخيل، وقد شبهه الأوائل بالبيضاني من الطّير، وهو منصوص عليه لدى القدماء بالفراهة واليمن وهو أزهاها قدراً، لأنه من مراكيب الملوك.
وقد ذُكر الأشهب كثيراً في الشعر العربي، مثاله ما جاء في معلقة امرئ القيس حين وصف فرسه الأشهب، الذي امتلأ صدره بدم الصيد:
أي أن حمرة دم الصّيد على صدر هذا الحصان الأشهب، كأنها خضاب حناء يضرب للسواد على شعرٍ علاه الشيب.
الصّفُرة
هي لونٌ صُفْرَته كالذهب، وربما كانت عليه شَعْرات سود تخالطها لكنها ليست غالبة عليها. ويكون عُرْف الحصان وناصيته (الشعر النابت بين الأذنين) وذنبه صُهْبٌ، وإلى البياض أقرب منه للصفرة. قال الأصمعي: لا يُسَمْى الأصفر حتى يَصْفَر عرفه وذنبه. وقال أبو عبيدة: الأصفر الناصع من الخيل هو الأصفر السّراة (السّراة أعلى متن الفرس)، تعلو متنه غمامة غَبْساء (الغُبْسة والغَبَس: لون الرّماد، وهو بياض فيه غَبْرَةٌ)، وهو أصفر الجنبين والمراق، تعلو أوظفته غبسة، وشعر ناصيته وذنبه أسود غير حالك. والأصفر الذي تسميه الملوك السهروي، هو الذي يكون بين الأصفر والسوسني، وعرفه وذنبه أصهبان أي السواد كلون المسك. والأصفر الأعفر من الخيل، وهو الأصفر الجنبين والعنق، وتعلو عفرة أسراته كلها متنه، وعنقه، وعجزه، وهي بياض ليس بالشديد، وجنباه ونحره وجرانه (باطن العنق) ومراقه ووجهه أصفر، وناصيته وعرفه وذنبه أسود فيه صَهب. وإذا كان العرف والذنب أميل إلى البياض فهو الأصفر الفاضح، وإذا كان العرف والذنب أسودين ليس فيهما صُهْبة، فهو الأصفر المطرف. والمطرف من الخيل هو الأسود الرأس والذنب، وسائره مخالف لذلك، أو أبيضهما وسائره مخالف لذلك. والأصفر المُدَنّر: هو الذي يشتد بياض ناصيته وعرفه وذنبه. ويقول الكلبي: "أن جلد الفرس إذا كان أسود أنبت الشعر أسود، وإذا كان أبيض صفت الصفرة وأنبت الشعر أبيض، وليس تخلص الصفرة إلا ببياض الجلد.
الصِّنابية
الصِّنابي من الخيل، هو الذي يخالط لونه شعرة بيضاء لا تختلط مع لونه، ولا تجتمع فتكون شهبة، ولا بلقاً، ويكون ذلك البياض أقل من الشهبة. ويقال فيه أدهم صنابي، إذا كان عمود لونه الدهمة، وكذلك في الكمتة والوِرْدة والشقرة فيدعى، بأي لون كان عموداً له، (كميت صنابي، وورد صنابي، وأشقر صنابي). وقيل في الصِّنابي هو الذي لونه بين الحمرة والصّفرة، منسوب إلى الصّناب وهو صباغ يتخذ من الخردل والزبيب، (والصِّباغ في قول الكلبي: الإدام المائع، ذلك أن الصناب إدام يتخذ من الخردل والزبيب).
البَلَق
 البلق في الفرس وغيره، سواد وبياض، وهو ظهور البياض في أي لون كان من الألوان. والبلق في الخيل يُدْعى بما يخالطه من الألوان، يقال: كميت أبلق، وأشقر أبلق وكذلك في سائر الألوان. وإذا أصابت وجه الأبلق غُرَةٌ أو قُرْحَةٌ أو زُرْقة، دعي بجميع ما يصيبه من ذلك ثم تختم الصفة بذكر البلق. ومن البلق: الأبلق الأدرع: هو الذي ظهر البياض في جسده، وخلص من البياض عنقه ورأسه أو رأسه خاصة، وإذا كان في هامته بياض، وكانت عنقه مع ذنبه لا بياض فيهما فهو أيضاً أدرع، والأنثى درعاء والجمع درع. والأبلق المُطرف: هو الأبيض الرأس والذنب، وسائر جسده يخالف ذلك، كذلك إن كان أسود أو أحمر وسائر الجسد على خلافهما. وإذا ابيض الذنب كله وحده من غير رأس ولا عنق، فهو مطرف أيضاً، وقيل في المطرف إنه الأبيض الأذنين والقوائم والعرف والذنب، وسائر الجسد يخالف ذلك، وكذلك إذا اسود الرأس والذنب وخالفا سائر الجسد، فهو مُطرف أيضاً. الأبلق المُوْلع: الذي في بلقه استطالة، والأبلق المُلَمّع ليس فيه استطالة في بلقه، وقيل: هو الذي تكون في جسمه بُقع تخالف سائر لونه، أي لون كان. ويدعى المُلَمّع بلونه إذا كانت فيه لَمَعٌ مثل الدرهم وأكبر، فيقال: أدهم مُلَمَّعٌ، وكميت مُلَمَّعٌ، وأكثر اللمع تكون في الكفل.